عبد الجبار العتابي من بغداد :كانت ساعات ما بعد الحادية عشرة والنصف من الليلة الماضية غارقة بالسكون العجيب الذي جعل الشوارع تتقوقع على نفسها وتدخل في غيابات الصمت الا من بقايا تأوهات ما تشربتها البيوت التي اطفأت اضواءها ونامت ، فقد اعلن العراقيون احزانهم بشكل سافر لخروج منتخبهم الوطني بكرة القدم من بطولة كأس القارات دون ان يتمكن من تسجيل هدف واحد يمكنهم من الانتقال الى الدور الثاني ، بعد التعادل المؤسف مع منتخب نيوزيلندا ، واعرب العراقيون من الجمهور الكروي وسواه عن الاسف ، ودوت اهات الحسرة على شكل دفعات من الغضب وصولا الى انسكاب الدموع التي كان لدى البعض السبيل الوحيد للتعبير عما يجيش في نفسه .
فما ان اعلن حكم مباراة العراق ونيوزيلندا انتهاءها حتى فغر الجمهور افواههم خيبة واكتسب الوجوه بغمامات من الحزن ولم تعد الملامح تعبر الا عن سخط تشتعل نيرانه في الداخل ، وتوالت كلمات الغضب التي انصبت على المدرب وبعض اللاعبين واتحاد كرة القدم ، وهم يتساءلون عما حدث ، لا احد يفهم كيف جرت الامور طوال اكثير من تسعين دقيقة ولم يستطع اللاعبون ولو لمرة واحدة هز شباك المرمى النيوزيلندي ، مرة واحدة للوصول الى الدور الاخر المهم ، وعلى قول احدهم (كان بامكان الهدف ان يجعل المنتخب في الاعلى ولكن للاسف لم يقدر احد على تسجيله ، حرامات والله تضيع فرصة كهذه ، انا اشعر بالحزن اشعر بالكآبة ، هدف واحد لم نستطع ان نسجل يا للاسف ) .
الجميع كان حائرا لا يعرف على من يعتب وعلى من يتكلم والى من يشكو وهم يرون امامهم فريقهم الوطني مصابا بالعقم التهديفي ، وليس هنالك اية خطة من المدرب بامكانها ان تعزز في الفريق روح التوغل ، ضاعت مهارات اللاعبين وتفانينهم وتشنجعت القابليات لديهم فكلنوا يركضون بحثا عن شيء لايعرفون كيف الوصول اليه وهو امامهم كأنها في متاهة ، احد المشجعين قال : (خلف الله عليك بورا .. سويت بينا عقم تهديفي) واضاف : اعتقد ان المدرب كي يحفظ لنفسه هيبتها اعتمد على الدفاع في المباراتين السابقتين وجاء في المباراة الثالثة يبحث عن الاهداف ، طبعا لا يستطيع المهاجمون ان يفعلوا شيئا لان المدرب كسر فيهم هذه الروح (اصابهم بالعقم) ، انا اعتقد ان الرجل ليس لديه خطة يلعب وكل ما هنالك انه اراد الخروج من البطولة بأقل الخسائر لنفسه وليس للمنتخب .
راحت الفرصة الذهبية السانحة ، هذه خلاصة ما تسكبه احزان الجمهور الذي ليس لديه ما يقوله لانه يعلم ان كل ما يقال هو كسابقه ويتعرض الى اتهامات بالتعصب او عدم الفهم وان بورا مدرب عالمي وان الاتحاد يفكر في مصلحة الكرة العراقية اكثر من غيره وان اللاعبون المحترفون افضل من سواهم وان .. وان .. وان الى ان تتحول القضية الى قضية شخصية وعداوات و(سوالف عتيقة) ،اتصل بي احد الاصدقاء قائلا بلهجة متشنجة : هل هذا ما اراده بورا ؟ وما اراده الاتحاد ، ان يقتل الروح الهجومية لدى اللاعبين ، اليس من المبكي اننا نخرج من ثلاث مباريات دون ان نسجل هدفا ، وهذه المباراة الاخيرة ، والله انا اتعجب ، هدف واحد كان بأمكانه ان يضعنا ضمن الاربعة الكبار ، اي فريق هذا واي مدرب ؟!!.
لم تكن الليلة غير واحدة من ليالي السهاد والحزن والتأسف التي تكررت كثيرا خلال السنتين الماضيتين على الاقل ، ليلة كان الجميع ينتظر ان يسهرها حتى الصباح ويصرخ بملء فيه فرحا ولكن ليس بعد ، ما زالت الاسطوانة الحزينة تزعج الاسماع بصرير ما فيها من عزف ممل